لقد قامت الديمقراطية على إحترام حرية الرأي،والتعايش مع الإختلاف السياسي،لما فيه خير المجتمع المدني، وتقبل الرأي الآخر، بعيدا عن التعسف والديكتاتورية،لكن الديمقراطية الأميركية ترتكز على إلغاء الآخر تحت شعار(من ليس معنا فهو ضدنا) كعدو و خصم لا بد هزيمته واستعباده بالغزو والإحتلال،قتلا وتدميرا وحصارا.
وفي القرون الوسطى كان إحراق المكتبات،وقتل العلماء والمفكرين الوسيلة الوحشية التي امتهنها الأباطرة والملوك لضمان حكمهم واستعباد شعوبهم،لأن إحراق الكتب،إعدام للفكر وإبادة للحضارة،و تحويل للإنسان إلى حيوان إجتماعي تابع لسيده الأميركي، مسلوب الإرادة والقرار ينفذ ما يأمره به،، ويروي ان تشرشل رئيس الوزراء البريطاني، أمسك ذات يوم نسخة من القرآن الكريم في مجلس العموم البريطاني قائلا: ( الصهيونية حاجة ملحة لبريطانيا ، ولو لم تكن الصهيونية موجودة لكان علينا إختراعها ،وذا أردتم الإنتصار عليهم(أي المسلمون)فعليكم إبعادهم هذا(القرآن) ،لكنه لم يصل إلى مستوى إحراقه بل تهميشه ،وذلك بضخ الأفكار والسلوكيات المتناقضة مع تعاليم الإسلام،وتفريغه من مضمونه ،وتحويل الإسلام إلى طقوس سطحية فارغة من اللباس إلى اللحى الطويلة ،والفتاوى السطحية وحصار المرأة والذبح على الهواء والتفجير الذي لا يمثل الإسلام الحقيقي بل الإسلام الأميركي المهجن عبر القاعدة واخواتها من الجماعات السلفية التكفيرية .
هل تسخر الإدارة الأميركية من عقولنا ووعينا ،لتوهمنا بأن القس جونز(الملك)على ما يقارب خمسين شخصا صار متمردا على النظام تحميه أكذوبة الحرية الديمقراطية ،ليصبح حرا بإحراق الكتاب المقدس(القرآن)في أول فعل منظم في العصر الحديث،لإثارة ما تبقى من المسلمين العقلاء والواعين،لفتح الطريق أمام الجماعات الإسلامية المصنعة أميركيا من(القاعدة)وأخواتها في بلاد الإسلام، للبدء بالإنتقام من الأخوة المسيحيين الأبرياء في والعالم الإسلامي وبتوجيه أميركي،لإشعال الفتنة الطائفية الكبرى إستكمالا للحرب الصليبية الجديدة التي أعلنها الرئيس الأميركي السابق جورج بوش عند غزو العراق وأفغانستان؟!.
إن الورقة الأخيرة أمام المحافظين الجدد،بعدما فشلت مشاريعهم في لبنان وسوريا وإيران،وبعدما غرقوا في رمال العراق وأفغانستان وتداعيات الأزمة المالية والإنهيار الإقتصادي،فإن قارب الإنقاذ الوحيد المتبقي لهم نتيجة أفكارهم المتطرفة ،يتمثل بالفتنة العالمية الكبرى عبر الفتنة المسيحية- الإسلامية، والتي تشعل الحروب في كل العالم دون إستثناء،استكمالا لنظرية (الفوضى الخلاقة)التي أعلنوها ونفذوها،إلا أنها لم تخلق سوى التدمير والفتن المذهبية،وتقسيم الشعوب والأوطان،فلتكن(الفوضى القاتلة) للضعفاء والمشتتين لإعادة تكريس أميركا قطبا أوحدا في العالم بعد مشارفة مرحلة العقدين الماضيين الى الزوال.
نداؤنا للمسلمين خاصة في لبنان ،لضرورة التنبه من مشروع الفتنة الأميركية،فالثأر للقرآن يكون ضد الرأس المدبر والحاضن سياسيا وأمنيا ،وليس ضد أي مسيحي من أخواننا في بلادنا ،فالفعل السيء يتحمل وزره من قام به، وليس من يشاركه الإنتماء المسيحي ، وهو عدو للقرآن والإنجيل ولله سبحانه،ولا بد للعلماء والواعين التوضيح والدعوة لذلك،ومحاصرة المدسوسين والجهلاء والعملاء،والإعلان بان كل فعل يقوم به أميركي أو غربي لا يمثل وجهة نظر المسيحيين في بلادنا ، ،بل يمثل نفسه وأجهزة المخابرات التي يعمل معها،حتى لايتكرر ماحصل عند نشر الرسوم المسيئة لرسول الله(ص)وكانت ردات الفعل غير البريئة في لبنان.
المحافظون الجدد الصهاينة لا يحترمون الإنجيل ولا القرآن،ولا يلتزمون بالقيم الأخلاقية والقوانين الدولية،بل يعملون وفق مصالحهم المرتبطة بحماية إسرائيل أولا وأميركيا ثانيا،ولا يكترثون لمقدس أو غير مقدس عند الآخرين...
المستغرب والمدهش ، أولئك اللاهثين وراء الديمقراطية الأميركية المزعومة،كاللاهث وراء منظومة ديمقراطية خادعة تقتل وتكذب وتحرق الكتب المقدسة،وتغزو وتحتل،وتستعبد الشعوب، ،وتحاصر الشعوب المحرومة من حقوقها وتدعم الأنظمة المتمردة على حقوق الإنسان مقابل ضمان تبعيتها ،وتمارس العنصرية بحجة حماية الأمن القومي ، وها هي منظمة العفو الدولية تؤكد إضطهاد المسلمين في أميركا.
فهل يسمع البعض... ويستيقظ من أحلامه المزيفة ويعود إلى رشده الوطني والأخلاقي؟؟؟!.